نورث بالس
تبحث حكومة دمشق عن مخارج تقضي على التدهور الاقتصادي في سوريا، بعد حزمات من العقوبات التي ضربت إيران، وأخرى قد تستهدف حكومته، ولم تعد إيران كما عهدها الداعم المالي والعسكري، فقد أنهكتها العقوبات الأمريكية، أما روسيا الحليف الآخر لدمشق لا تستطيع تقديم المساعدة إلا بمقابل، فالحليفان ساندا بشار الأسد على مدى السنوات السابقة، وللمساندة مقابل، فقبل الوصول إلى حل ينهي الأزمة السورية، تحاول كل من طهران وموسكو الحصول على موطئ قدم في سوريا، ما بعد فترة الأزمة، وضمن هذا المحور استأجرت روسيا ميناء طرطوس لنصف قرن قابل للتجديد، وإيران تمركزت في ميناء اللاذقية.
في خطوة قريبة من مسألة بيع وشراء، قام الأسد بتأجير ميناء طرطوس لروسيا، لخمسة عقود قادمة أي لمدة 50 عاماً، مقابل المساعدة التي قدمتها مانعة سقوطه، ويحاول الأسد إسعاف اقتصاد حكومته وربطها باتفاقيات طويلة الأمد، توضح مدى إصراره على أن سوريا ملك لآل الأسد لا أكثر بكل القضايا وبشتى السبل.
كما وأنشأت موسكو منذ تدخلها في سوريا شركات صناعية إضافة إلى بناء قواعد ومطارات عسكرية خاصةً بها، مقابل الدعم العسكري الذي تقدمه لنظام بشار الأسد.
وتدّعي موسكو أنها ستعمل على تجنيب حكومة دمشق في سوريا من تبعات العقوبات الاقتصادية التي ضربت مناطق سيطرته، وبدأت تظهر مؤشراتها مؤخرًا في مجال الطاقة والمحروقات، إضافة إلى مساعيها في الحصول على ملف إعادة الإعمار لتشغيل شركاتها.
تمتلك روسيا منذ عام 1971 قاعدة بحرية في طرطوس، وذلك بعد أن استأجرت جزءًا من ميناء المحافظة، واقتصر بداية عملها على تقديم الدعم اللوجستي للأسطول الروسي في المتوسط، وتعتبر القاعدة الوحيدة لها في المتوسط، ووقع الأسد عام 2008 على قرار يتيح للروس بناء قاعدة بحرية دائمة، فيما وقعت حكومة النظام في يناير/كانون الثاني 2017 اتفاقية تنص على توسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول البحري الروسي في طرطوس.
وبحسب الاتفاقية؛ يسمح لـ11 سفينة حربية إضافة إلى السفينة النووية في آن معًا لمدة 49 عامًا، مع إمكانية التجديد لفترات تقدر بـ25 عامًا، ولتصبح ضعف مساحتها السابقة 24 ألف هكتار إضافي، بينما تتولى روسيا حماية مركز الإمداد التابع لأسطولها في البحر والجو، فيما تتولى حكومة النظام الدفاع عن المركز برًا.
وتشكل روسيا أهم حلفاء النظام الإقليميين الذين ساهموا في بقاء سلطته إلى الآن، وتستغل روسيا حكومة دمشق والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب مناطق سيطرته، في توقيع اتفاقيات مقابل تقديم الدعم الاقتصادي له.
على غرار روسيا, إيران أيضا تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في سوريا, حيث أن الزيارة الأخيرة لبشار الأسد إلى طهران لم تكن زيارة عادية، إنما كانت مبنية على عدة ملفات ستستخدمها طهران لاستغلال الأسد، وجعلها الحليف الأول له قبل روسيا، وضمن سعيها المستمر لتنفيذ خطتها في الوصول إلى مياه المتوسط قامت إيران ببناء قاعدة عسكرية في اللاذقية.
وكشفت صحيفة “سفابودنايا براسا” الروسية عن طموح إيران المتعلق بإنشاء قاعدة بحرية خاصة بها على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وقالت الصحيفة في تقريرها: “إيران استأجرت ميناء اللاذقية منذ تشرين الأول، لأغراضها الخاصة”، ووقع الأسد على الاتفاقية خلال زيارة نظيره الإيراني حسن روحاني في طهران.
صحيفة التايمز الامريكية، ذكرت من جانبها أن الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني بدأت بالفعل بنقل البضائع عبر الميناء، ما يشير إلى أن طهران قد تستخدمه كمعبر لنقل السلاح، ومن المتوقع أن إيران تحاول جعل الميناء مفتوحًا أمام التجارة الحرة، دون العقوبات الأمريكية.
وسعى المرشد الإيراني خامنئي إلى إلزام الأسد بمنح الشركات الإيرانية الأفضلية في مشروعات إعادة الإعمار في سوريا وبناء ضواحي سكنية، إضافة إلى منح أكثر من 5 آلاف من العناصر الأفغانية والباكستانية المنضوية في ميليشيا “زينبيون” و”فاطميون” الجنسية السورية ووضع رواتبهم ضمن ميزانية الجيش السوري، ويضاف إلى ذلك توطينهم في الأبنية السكنية الجديدة.
وعملت إيران على بناء شركات لتوليد الكهرباء في اللاذقية، حيث حصلت السبت 30 من مارس/آذار العام الماضي على مصادقة دمشق للبدء في بناء شركة الكهرباء، بقيمة 400 مليون يورو بالقرب من سد 16 تشرين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.