في الذكرى 13 للأزمة السورية … حضن النظام بدلاً من إسقاطه
نورث بالس
دخلت الأزمة السورية سنتها الثالثة عشر دون أية بوادر اتفاق وحل سياسي يلوح في الأفق، دفع السوريين الغالي والنفيس، الملايين من المشردين واللاجئين، ومئات الآلاف من القتلى والمفقودين، والمزيد من المآسي بانتظارهم في المستقبل.
منذ ثلاثة عشر سنة خرج السوريون إلى الشوارع والساحات، وتظاهروا في حِراك سلمي حاملين لافتات تطالب بالحرية والكرامة، تصدح حناجرهم بإسقاط النظام. استطاع المتظاهرون إيصال صوتهم إلى العالم، وشكلت وقتها ما مجموعها 70 دولة بين أوربية وعربية مجموعة الاتصال الدولية أو أصدقاء سوريا لدعمهم سياسياً ومعنوياً ومادياً.
بعد فترة وجيزة من الحراك السوري تدخل النظام التركي فيه، مستغلاً هذه الفوضى في أجنداته وسياساته التوسعية في المنطقة. حيث قام بتجنيد واستغلال بعض من انشقوا عن الجيش السوري وقتها، وبدأ بتشكيل خلايا بين المتظاهرين، وبدأت الأسلحة والأموال القطرية بالتدفق إليهم. وهنا كانت بداية نهاية الثورة السورية والحراك السلمي.
بدأت دولة الاحتلال التركي بالنخر في جسد تلك الثورة، فقد قامت بتسليم مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة آنذاك للنظام، وقامت بسحب مرتزقتها عبر الباصات الخضراء التي اشتهرت في تلك الفترة، وتسليم مناطقها للنظام، والتحرك إلى مناطق الإدارة الذاتية في الشمال السوري، تلك المناطق التي قايضتها باتفاقات سرية مع النظام في دمشق، بغرض إضعاف المعارضة وبالتالي القضاء عليها مستقبلاً.
تعمدت سرقة كل ما يمكن سرقته من الأراضي السورية من معامل ومصانع وآثار وأشجار، سلَطت سيوف مرتزقتها على رقاب الشعب السوري، غيرت ديمغرافية المناطق الكردية عبر مستوطنين من مناطق أخرى. استطاعت أن تحول الشباب السوري إلى آلة قتل عبر تجييشه وشحنه بالطائفية والعنصرية المقيتة تجاه الأقليات والأديان الأخرى.
حاولت ومازالت تحاول القضاء على مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا. من خلال اتهامها تارة بالانفصال عندما تلعب على الوتر الوطني وعندما تخاطب مرتزقتها السوريين، وبالملاحدة والمرتدين تارة أخرة عندما تخاطب ما شكلته من تنظيمات سلفية إرهابية أمثال داعش وجبهة النصرة، وغيرها من الفصائل المرتزقة.
وقف النظام التركي في وجه كل خطوة تعمل على إيجاد حل لهذه الأزمة، وعملت على إطالة عمرها، ورفضت رفضاً قاطعاً أي تقارب بين الكرد وشركائهم في الإدارة الذاتية مع المعارضة السياسية والمسلحة مهما كانت الأسباب، شارك في اجتماعات شكلية تمثلت في اجتماعات سوتشي وآستانة التي اقتربت من إتمام الدزينتين دون أي نتيجة تذكر، سوى محاربة السوريين لبعضهم البعض، وإطالة عمر الأزمة، وتقليص أماكن سيطرة المعارضة، وتسليم المزيد من المناطق للنظام، حتى أنها في آخر اجتماع لها في آستانة، اتفقت مع روسيا وإيران على تسليم مرتزقتها من السوريين للنظام، وضمهم لصفوفها، في مقابل التوسع في القتال في سوريا، وضرب الإدارة الذاتية ومحاربة قواتها العسكرية.
كل هذا عداك عن إن القتل والسلب والنهب والابتزاز وطلب الفدى المالية، وهتك الأعراض مازالت مستمرة في المناطق التي احتلتها تركيا، وكذلك صناعة المواد المخدرة والترويج لها في المجتمعات بغرض ضربها وتفكيكها من خلال استهداف المرأة والفئة الشابة، كونهما أساس كل مجتمع.
كل هذا مازال مستمراً، منذ قتل “حمزة الخطيب” في درعا على يد العناصر التابعة لأجهزة أمن النظام، وصولاً إلى ذبح الطفل “أحمد معمو مده” على يد أحد المرتزقة التابعين للاحتلال التركي في عفرين المحتلة بدم بارد، دون مراعاة طفولته أو براءته وضعفه، ودون أن يرف له جفن.
هذه الجرائم سوف تستمر في تلك المناطق ما استمر الاحتلال والارتزاق فيها. جريمة قتل الطفل أحمد لن تكون الأخيرة، مالم يدرك الشعب السوري أن الاحتلال التركي ومرتزقته يسعون للمزيد من الدمار والقتل في سوريا، وإنه فقط الشعب السوري هو المضطهد والمُتاجَرُ بدمائه.
لذلك عليه استغلال مقتل الطفل “أحمد معمو” في عفرين المحتلة، والدعوة والقيام بثورة مضادة تضم كافة الأحرار في المدينة، لتكون لَبِنَةً لثورة جديدة ضد النظام وتركيا ومرتزقتها تصل صداها إلى باقي المدن؛ لاستعادة الشرف والكرامة من يد تجار الأزمات، وإعادة دفة القيادة للشعب السوري الخاسر الأكبر في هذه الأزمة.
(كاردوخ بيكاس)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.