نورث بالس
تفرض قوات الحكومة السورية منذ أكثر من شهرين حصاراً خانقاً على سكان عفرين المهجرين من ديارهم جراء الهجوم التركي، والمقيمين الآن في مخيمات بمنطقة الشهباء، إذ تمنع قوات الحكومة دخول الغذاء والدواء والمحروقات إليهم.
وخلال شنها للهجمات على عفرين في كانون الثاني 2018، هجّرت تركيا ما يزيد عن 300 ألف شخص من عفرين، وتوجه المهجرون إلى منطقة الشهباء في الجهة الشمالية الغربية لمدينة حلب وسكنوا في مخيمات ومنازل شبه مهدمة وأخرى غير مجهزة.
ومنذ أكثر من شهرين وتحديداً في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تفرض قوات الحكومة السورية حصاراً خانقاً على الشهباء وتمنع دخول الأغذية والأدوية والمحروقات إليها، كما تفرض إتاوات كبيرة على الراغبين بالخروج لتلقي العلاج في حلب أو في النبل والزهراء القريبتين من الشهباء.
وتسيطر الفرقة الرابعة “سيئة الصيت” في قوات الحكومة السورية على المدخل الرئيسي المؤدي إلى الشهباء ويمنع عناصر هذه الفرقة دخول أية مادة إليها، وهذا ما يزيد من سوء أوضاع المهجرين الذين يعانون أصلاً من نقص الاحتياجات في ظل ما تعيشه مناطق سيطرة الحكومة السورية من أزمات اقتصادية.
وتسبب هذا الحصار بفقدان المحروقات في الشهباء وخصوصاً المازوت في ظل ظروف الشتاء الباردة والتي يعيشها المهجرون في المخيمات وحاجتهم المتزايدة من أجل التدفئة، فضلاً عن فقدان مادة الطحين ما أدى لتوقف الأفران عن العمل، يضاف إليها نقص الغاز وبقية المستلزمات الأخرى والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة المهجرين.
ولا يقتصر تأثير الحصار على الحالة المعيشية والإنسانية للمهجرين من عفرين وسكان الشهباء بل تسبب الحصار بتراجع الزراعة في المنطقة، إذ أن قوات الحكومة تمنع دخول المازوت وكذلك البذار اللازم من أجل الزراعة، بالإضافة لمنعها من دخول السماد والمبيدات الحشرية إلى المنطقة.
ويتخوف المزارعون، من أن استمرار الحصار يعني فقدان مناطق الشهباء لمحاصيل الخضار خلال الأشهر القادمة.
ويمتد تأثير حصار قوات الحكومة للشهباء ليشمل القطاع الصحي أيضاً، إذ يتواجد مشفى واحد في المنطقة يقع في ناحية فافين، ويستقبل هذا المشفى أكثر من 50 حالة يومياً، ولكن هذه الحالات المرضية بحاجة إلى دواء إلا أن قوات الحكومة تمنع دخول الدواء إلى المنطقة وهذا ما يعرض حياة المهجرين وسكان المنطقة للخطر.
وفي هذا السياق قال المواطن محمد إيبش القاطن في ناحية تل رفعت:”منذ ثلاثة أعوام ونحن مهجرون إلى الشهباء، ومؤخراً فرضت قوات الحكومة حصاراً خانقاً علينا بمنع دخول المواد الغذائية والمحروقات وكل شيء في ظل الشتاء والبرد القارس”.
وطالب إيبش المنظمات الدولية والأمم المتحدة بالتدخل ورفع الحصار عنهم، كما طالب الأمم المتحدة بالعمل على إعادتهم إلى أرضهم وديارهم التي هُجّروا منها وقال: “إن درجة الحرارة صفر فكيف للأطفال أن يتحملوا هذا البرد القارس”.
وتطرق إيبش إلى ادعاءات القوات الروسية المتواجدة في المنطقة بحمايتها للسوريين، وطالبها بأن تلعب دورها الأخلاقي والإنساني في إعادتهم إلى ديارهم كونها كانت السبب في تهجيرهم عبر فتحها الطريق لتركيا بشن الهجمات على عفرين.
ومن جانبه تساءل المهجر وليد سليمان حسو عن سبب فرض قوات الحكومة السورية الحصار على الشهباء والتي تحتضن مئات الآلاف من مهجري عفرين وسكان الشهباء، وأضاف: “أطفالنا الصغار يصارعون برد الشتاء في وقتٍ وصل فيه سعر لتر المازوت إلى ألف وخمسمئة ليرة سورية. نحن المهجرون كيف سنتمكن من شرائها بهذه الأسعار”.
وتوجه حسو إلى المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وقال: “أين أنتم؟ أنتم تشاهدوننا نعاني ونتألم فلماذا لا تتدخلون؟”.
وطالب حسو من روسيا “حليفة الحكومة السورية” بالتدخل وفك الحصار عن الشهباء وأن تتحدث عن قضية عفرين المحتلة وان تعيدهم إلى عفرين.
وعلى الرغم من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي ينظمها مهجرو عفرين وأهالي الشهباء أمام قاعدة القوات الروسية في قرية الوحشية بالشهباء ومطالبتهم المستمرة عبر الرسائل التي يوصلونها للقادة الروس بفك الحصار عنهم، إلا أن القوات الروسية ما زالت صامتة حتى الآن حيال حصار المدنيين وتجويعهم من قبل قوات الحكومة.
ويشار أن هذا الحصار يتزامن أيضاً مع استمرار قصف القوات التركية والفصائل الموالية لها لمناطق الشهباء، وكان آخرها يوم 23 كانون الثاني 2021 والذي أودى بحياة 4 مدنيين وتسبب بجرح 8 آخرين بينهم أطفال.
إعداد: عهد خليل
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.