اردوغان يخسر تركيا … الأسباب والمآلات
كاردوخ بيكس
من يخسر اسطنبول يخسر تركيا… بهذه العبارة بدأ رجب اردوغان خطاباً لمناصريه في الانتخابات البلدية السابقة. قالها ولم يدرك وقتها أنه سيخسر بلدية إسطنبول لصالح المعارضة، ليشكك بعدها بمصداقية ونزاهة تلك الانتخابات، التي أثبتت بعد الإعادة بأنها بالفعل لم تكن نزيهة، ولكن ليست لصالحه بل لصالح المعارضة التي زادت أصواتها بمليون صوت على أقل تقدير.
إذا كان من يخسر بلدية إسطنبول يخسر تركيا، فماذا يخسر من خسر بلديات إسطنبول وأنقرة وأزمير وأضنا وأنطاليا وبورصا مجتمعة؟
تعرض تحالف الإسلاميين الراديكاليين والقوميين الشوفينيين، تحالف اردوغان – بهجلي لصفعة على الوجه بعد أن خسروا تلك البلديات لصالح المعارضة التركية. بعد أكثر من عقدين من السيطرة عليها، في انتخابات كانت بمثابة تقييم لشعبية اردوغان وسياساته، التي وصلت البلاد إلى ماهي عليه الآن، ومدى استمرارية تقبل الأتراك للفكر الإسلامي الراديكالي المتحالف مع القوميين العنصريين.
البلاد غارقة في أزمة اقتصادية خانقة تزداد يوماً بعد يوم، نتيجة السياسة الاقتصادية الفاشلة، الدولار الأمريكي في تصاعد مستمر أمام الليرة التركية التي فقدت قيمتها ومازالت، السياسة الخارجية من صفر أعداء وصفر مشاكل انقلبت إلى العكس تماماً، فَتَدَخُّلُ اردوغان وصل حتى إلى جنوب أفريقيا. كما كان لسياسة طأطأة الرأس والتنازل وطلب الصفح التي اتبعها مع كل من السعودية ومصر، بعد كل التصريحات السلبية تجاههما، أثراً سلبياً على مريديه، عداك عن الكذب والاستهتار بالعقل الجمعي لمواليه من المحافظين الإسلاميين، ولعبه دور السلطان فيما يتعلق بالقضايا الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومتاجرة اردوغان بها.
كل هذه الأمور في كفة، وما تعرض له من هزائم في مناطق الدفاع المشروع – مديا، على يد الكريلا، والعار الكبير الذي لحق به وبجيشه وبمنظومته العسكرية، ومسيراته التي باتت تحسب ألف حساب للتحليق فوق مناطق الكريلا. والضغوطات والانتقادات التي تتعرض لها حكومته من قبل الشعب التركي نتيجة هذه الخسائر من كفة ثانية.
مع وجود هذه الأسباب التي أدت إلى خسارة اردوغان وحليفه بهجلي في هذه الانتخابات، بالطبع سيكون هناك تأثيرات سلبية كبيرة بحجم هذه الأسباب، ويمكن القول بأن خسارته ضعفت موقفه امام واشنطن، خاصة أنها جاءت قبل الزيارة المقررة له إليها في قادم الأيام، أي ان واشنطن لن تلبي طلبات اردوغان، بسبب خسارة المدوية، والتراجع الكبير لحزبه. كما يستفقد هيبته بين الدول الإقليمية، وسيتضاءل حجمه ويقلل من تأثيره ويقلص دوره في الكثير من الأزمات التي زج نفسه بها.
كما أن هناك احتمالية رفض صندوق النقد الدولي تقديم أي دَينٍ يساعد اردوغان على تقوية تحالفه، واستعادة أصواته مرة أخرة بعد هذه الهزيمة، بسبب سياساته ضد مصالح الغرب، وخاصة صفقاته العسكرية والسياسية مع روسيا.
حتى على الصعيد السوري، ورغم انتشار بعض الأخبار التي تتحدث عن رفض رئيس النظام اللقاء باردوغان؛ فقد بات هذا اللقاء بالأساس غير ذا منفعة بالنسبة للجانب السوري وأزمتها مستقبلاً، وبات على النظام التفكير في مرحلة ما بعد اردوغان، ومد اليد للمعارضة التركية لسحب كافة قواتها من الأراضي السورية. وإعادة العلاقات الندًّية بين البلدين، بعد سحب دعمها لتلك الفلول الإرهابية التي دربتها حكومة اردوغان وسلحتها وأرسلتها لتقتل السوريين وتعمل بأجندات تركية بعيدة كل البعد عن المصلحة السورية.
كاردوخ بيكس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.