فابريس بالونش….رحلة دون رجوع العقبات المعقدة أمام عودة اللاجئين السوريين
نورث بالس
تصريح خاص لصحيفة لورينت توداي اللبنانية لفابريس بالونش الجغرافي والمتخصص في الشؤون السياسية لسوريا ولبنان والعراق والشرق الأوسط بشكل عام تلقت شبكة نبض الشمال نسخة منه مترجمة .
ما هي التحديات التي تعرقل عودة اللاجئين السوريين والتي تلقي بظلالها من جانب الحكومة في دمشق؟ يتوجب التمييز بين المهاجرين الذين اضطروا لترك بلادهم بحثًا عن فرص اقتصادية وبين اللاجئين الفارين من الاضطهاد السياسي.
بالنسبة للمهاجرين للدواعي الاقتصادية، الذين لا يزالون يتوجهون إلى لبنان، فالعائق الأساسي يكمن في الأزمة الحادة التي تضرب الأسس الاقتصادية لسوريا.
الاقتصاد السوري، الذي لا يُبدي مؤشرات على الإنعاش، يعاني من شح في موارد الطاقة والوقود. انتقال رواد الأعمال والكوادر المهنية خارج البلاد أفقد الاقتصاد مزيدًا من دعاماته. كما أن الحكومة استعادت قبضتها على الاقتصاد بإجراءات مشددة.
ينقل رجل الأعمال السوري الذي بدّل مهنته إلى التجارة العقارية أن الفكرة السائدة بين رجال الأعمال هي أن اقتحام عالم الأعمال أو الصناعة في الوقت الراهن يعد جنوناً، مشيراً إلى أن العقوبات الدولية – مع أنها تلعب دوراً – ليست السبب الأوحد وراء الأحوال الاقتصادية المتردية.
أما بالنسبة للفئة الثانية – اللاجئين بدوافع سياسية – خاصة الذين كانوا جزءاً من المعارضة أو ممن عاشوا في مناطق شهدت تمرداً، فإن العودة بالنسبة لهم تبدو بمثابة مهمة مستحيلة. حتى مع إعلان العفو من قبل بشار الأسد، ثمة شكوك تحول دون الثقة بالحكومة.
هؤلاء معرضون للقبض عليهم والاحتجاز من قبل المخابرات، وقد يلقون مصيراً قاتماً في السجون ما لم يدفعوا فدية الأمثلة على مثل هذه الأحداث كثيرة.
وتبرز معضلة “قانون الثأر” عندما يعود الأفراد ويكتشفون أن أحد أسرهم تعرض للقتل، يمكن أن يصبحوا هم أيضًا هدفًا لدورة عنف لا تنتهي هذه المشكلة تهدد أمن وعودة مئات الآلاف من الأشخاص.
إضافة إلى ذلك، ليس هناك رغبة على الصعيد المحلي من قبل أولئك الذين استولوا على ممتلكات النازحين برؤية عودة المهجرين، ويمتلك بعضهم القوة والوسائل للقضاء عليهم أو اتهامهم لدى السلطات.
وبالخوض في دور حكومة دمشق، فإن بشار الأسد ليس لديه الرغبة بعودة أكثرية اللاجئين السوريين، سواء من لبنان أو غيره. الدافع الرئيسي لهذا الموقف يبدو طائفيًا وسياسيًا عودة ملايين العرب السنة قد تخل بالتوازن الديموغرافي في المناطق الخاضعة لسيطرته والمأهولة بحوالي 11 مليون نسمة.
وبالنظر للجانب الاقتصادي، سوريا لا تمتلك الموارد اللازمة لإعادة دمج هذه الأعداد الضخمة من السكان بقاء اللاجئين خارج الحدود يُعد مصدر دخل للحكومة؛ فالمغتربين في أوروبا يحولون مليارات اليوروهات إلى سوريا سنويًا، الأمر الذي يسهم في استمرارية الدولة بأدنى مستوياتها.
وعن الخطوات المطلوبة من لبنان لبلورة تسوية مع دمشق، يأتي تأمين الحدود ضد تدفق جديد للاجئين على رأس الأولويات لكن بالنظر للموقف الحكومي، الذي لا يبدي اهتمامًا بعودة اللاجئين، فإن الأمور قد تسير باتجاه استغلال الوضع للضغط على لبنان.
أما بالنسبة لموقف الاتحاد الأوروبي، فهناك حذر من ترحيل اللاجئين السياسيين إلى سوريا، لكن التحدي يكمن في تمييزهم عن باقي اللاجئين ومع تعقيد الأمور، قد يؤدي إجبار لبنان على الإعادة القسرية للاجئين إلى تخفيض المعونات الأوروبية.
التساؤلات تتعالى هل يملك لبنان القوة لإعادة السوريين ومنعهم من العودة؟ يظل مستقبل لبنان، أمام الانتشار الديموغرافي للاجئين السوريين شاسع العدد، موضع تفاؤل محدود.
و تداعيات عشر سنوات من النزاع تخلق تشابهًا مع أوضاع الفلسطينيين، لكن بتعقيد أكبر نظرًا لانتشارهم على نطاق أوسع وليس في مخيمات محددة، ما يثير مخاوف من تغير التركيبة الديمغرافية على المدى الطويل.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.