NORTH PULSE NETWORK NPN

أوراق الضـ.ـغط العراقية في المصـ.ـالحة التركية السورية

كاردوخ بيكس

تعمل العراق على لعب دور الوسيط بين كل من الحكومتين التركية والسورية، على غرار ما تم تداوله في المصالحة بين إيران والسعودية، فهل كان للعراق الدور الكبير في تلك المصالحة؟ وهل سيكون لها دورٌ أيضاً في المصالحة بين تركيا وسوريا؟

أبدت العراق جاهزيتها لتدخل على خط المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران، ولكن لعبت الصين الدور الأساسي في هذه المصالحة، كونها تمثل دولة قوية اقتصادياً وعسكرياً، ولها وزنها العالمي، ونجحت في مساعيها التي تمخضت عنها تقارباً بين هاتين الدولتين، كون إيران حليفتها إلى حد ما في وجه أمريكا وشركائها، وبينهم تبادل تجاري واتفاقات اقتصادية. كما كانت للسعودية الرغبة في ترطيب الأجواء ونزع فتيل أي مواجهة مستقبلية بينهما.

أما فيما يتعلق بالمصالحة بين حكومتي تركيا وسوريا؛ فبالرغم من كل ما يدور في فلكها، والدور الذي تعتقد العراق بأنها ستلعبه، إلا أن كلي الحكومتين تمتلكان من أوراق الضغط على العراق أكثر من امتلاك العراق لأوراق الضغط عليهما.

فتركيا تمتلك ورقة مياه نهري دجلة والفرات ومشروع أوفاكوي، وكذلك مشروع خط التنمية الذي يمر بالعراق وصولاً إلى ميناء جهان التركي، كما تمتلك الحكومة السورية أوراق ضغط تتمثل في مكافحة شحنات المخدرات التي تشتهر الحكومة السورية بصناعتها والاتجار بها عبر الحدود، وقضية اللاجئين وعناصر تنظيم داعش الإرهابي، والحرب عليها من الجانب العراقي.

لذا فإن الدور العراقي حسب المعطيات سيقتصر على الاستضافة فقط، ولن تستطيع تغيير أو حتى تقليص شروط الحكومة السورية المتمثلة بانسحاب تركي من الأراضي السورية، والاستغناء عنمَ تسمى بالمعارضة السورية، وتسليم قادتهم وطرد مؤسساتهم الإعلامية، كما لن تستطيع تغيير شروط ورغبات الدولة التركية المتمثلة في مكافحة الإرهاب في نظرهم، والمقتصر على محاربة قوات سوريا الديمقراطية ومشروع إقليم شمال وشرق سوريا، والاحتفاظ بتلك الأراضي التي احتلتها أو جزءٍ منها على أقل تقدير لتضمها تركيا لاحقاً كما فعلت بالاسكندرون.

ما تزال صورة الوصول لأي تقرب جدي، ضبابياً، وخاصة فيما يتعلق بالانسحاب التركي، ولكن ما بات واضحاً وبشكل جلي إن حكومة اردوغان – بهجلي قد اتفقت مع الحكومة السورية على تسليمها المعارضة، وطردها وتسليم قادتها وملفاتهم. واندماجهم في فيلق خامس أو سادس إلى جانب الحكومة السورية لمحاربة مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية.

ومحاربة الفصائل المرتزقة الرافضة لهذا القرار، وقد بدى ذلك واضحاً خلال اليومين الماضيين من تعرض بعض مناطق ونقاط هؤلاء للقصف من قبل المقاتلات الحربية الروسية في المناطق المحتلة.

إلا أن كل هذه المعمعة التي تجري بين كل من حكومتي تركيا وسوريا بمباركة روسية وبالتعاون مع الجانب الإيراني، تتنافى وتتعارض مع ما خططه التحالف الدولي بقيادة أمريكا وكذلك الاتحاد الأوربي، وتخالف القرارات الدولية الخاصة بهذا الشأن وخاصة القرار 2254 لعام 2015.

كما تعتبر تجاوزاً للقوانين التي وضعتها أمريكا لمحاربة المُطَبِّعين مع الأسد وعلى رأسها قانون قيصر.

هنا؛ وإلى جانب ضعف الموقف العراقي في هذا التقارب، تتمسك كل من الحكومتين التركية والسورية بشروطهما، كما أن هناك قوانين وضعتها أمريكا في وجه من يحاول التقرب من النظام السوري، إضافة إلى قواتها المنتشرة بشكل واسع في مناطق شمال وشرقي سوريا، تلك المناطق التي هي رأس أولويات هذا الاتفاق، فهل ستتمكن العراق وحدها من لعب دور الوسيط في هذه المصالحة، وتنجح في تقرب وجهات النظر بين تلك الحكومتين، ضاربة عرض الحائط كل الخطوط الحمراء الأمريكية الأوربية، أم أنها مجرد دولة تستضيف حواراً بين دولتين على أرضها؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.