حلب – نورث بالس
تشهد أحياء مدينة حلب القديمة حالة من الفوضى وسط تجاهل حكومي لتلك الأحياء ما أدى إلى نوع من التعدي الشخصي من قبل التجار على قانون الآثار بشكل واضح وتغيير معالم السوق الأثري دون رقابة ومحاسبة.
وبعد إعادة الحكومة السورية سيطرتها على أحياء حلب القديمة عام 2016، شهدت تلك الأحياء حركة عودة بطيئة جدا للسكان والتجار وأصحاب المحلات وقاطني تلك المناطق.
وباعتبار أن أسواق المدينة القديمة تعتبر من المواقع الأثرية، فقد بادرت العديد من المنظمات بعمليات ترميم لتلك الأسواق للحفاظ على تراثها وأصالتها من حيث المظهر وإعادة الأسواق كما كانت عليه قبل الحرب. ولكن بعض تلك الأحياء تشهد حالات تعدي وتغيير ملامحها.
فمنطقة “خان الحبال” التي تقع ضمن أحياء حلب القديمة شهدت في الفترة الأخيرة مخالفات عديدة، وعلى سبيل المثال إقدام أحد تجار المنطقة بإزالة جدران الخان الأثرية، وفتحه على خان الحرير وقام بأعمال الترميم وتغيير معالم ضمن خان الحبال واستبدال الجدار الذي أزاله بباب خشبي.
مع العلم بإن قانون الآثار السوري لعام 1963 ينص على منع القيام بأي أعمال ترميم وإصلاح أو تغيير في المناطق الأثرية إلا من خلال اخذ الموافقة من الجهات المختصة بالآثار، مع التأكيد على عدم السماح لأي جهة مالكة القيام بأي تغييرات دون موافقة رسمية.
وعلى أثر تلك الأعمال المخالفة للقانون قام العديد من المتضررين بتقديم عدة شكاوى من العام المنصرم إلى جلس مدينة حلب إلا أن المجلس لم يعطي أي أهمية لتلك الشكاوى ولم يستجيب لها وتمت تحويل الدعاوي إلى النيابة العامة التي لم تتحرك هي الأخرى.
التاجر زياد عمر (اسم مستعار لأسباب أمنية) وهو من أحد الأشخاص الذين قاموا بتقديم شكوى إلى مجلس المدينة، قال” بإنه وبعد تحويل الشكوى من النيابة العامة إلى مديرية الآثار والمتاحف، قامت هي الأخرى بغض النظر عن الأمر، رغم وضوح المخالفة، حيث قاموا بإزالة الحائط والأحجار وتركيب باب خشبي بدلاً عن الحائط مما أدى لضعف السقف وانهيار المنزل الذي يقع فوق سطح الخان”.
وأضاف انه بعد تجاهل مجلس المدينة والنيابة العامة للشكاوى التي قام التجار بتقديمها، قاموا برفع شكوى شخصية لدى مديرية الآثار والمتاحف ولكن دون جدوى.
ومن جانب آخر نوه غسان كالي وهو تاجر وصاحب أحد المحلات المجاورة، بأن هذا التعديل الذي حصل ضمن الخان أدى إلى انهيار أعمدة بعض المحلات، ولذلك قام هو أيضا بتقديم شكوى كتابية للنيابة العامة ومديرية الآثار والمتاحف بين فيه تضرر معمد في المحضر رقم “٣٠٣٤” في خان الحبال وتغيير معالمه، وجاء الرد بأنهم سوف يرسلون لجنة كشف للتأكد من الشكوى، وبعد كشف اللجنة على المحضر، كتبوا في تقريرهم بأن الأوصاف غير واضحة بسبب تبلل الصحيفة العقارية مبررين بأن الكشف غير ممكن في حال عدم معرفة المواصفات ومعرفة سماكة الحائط!.
وقال التاجر غسان كالي “أن المخالفة واضحة وأكد عليها العديد من التجار الذين قاموا بتقديم شكاوى، ولكن صاحب الخان قام بدفع رشوة مالية لجميع الجهات التي لجأنا إليها، لذلك لم يحركوا ساكناً ولم يحاسبوا الفاعل” على حد وصفه.
وفي هذا السياق، قال المواطن واصف أحمد “إن استمرت عملية الفساد هذه فإنه من المؤكد أن تشهد أحياء حلب القديمة المزيد من التلاعب بأحجارها التي بلغ عمرها أكثر من قرن وبالتالي سوف تفقد هذه المدينة رونقها وأصالتها وكل مناظرها التراثية القديمة.”
وأضاف بأنه حتى الآن خسر أكثر من 40% من محله المجاور للخان، ولم يستطع فعل شيء، وهو بانتظار جاره المتضرر لينهي أعمال الترميم ليبدأ هو بترميم محله.
وأكد مصدر مسؤول لمراسل نورث بالس بأن مديرية الآثار والمتاحف أرسلت في الشهر العاشر من العام الماضي تقريراً وكتبت فيه: “نعلمكم أننا قمنا برفقة مقدم الشكوى بالكشف عن العقار رقم”3034″ وتبين لنا أنه يوجد أعمال ترميم في ستة أبواب ولاحظنا إزالة جدار شمالي منه واستبداله بجدار خشبي وفتح عدة أبواب من الحائط على خان الحرير وقد قام صاحب الأعمال بجمع الأحجار المتراكمة جراء الهدم ووضعها فوق سطح الأقبية مما أدى لتصدع في الأقبية ولاحظنا وجود طبقة من الرماد على السطح وعلى هذا يرجى تشكيل لجنة أكبر للاطلاع بشكل أدق ومفصل على المخالفات .”
إعداد: علي الآغا
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.