بـ.ـعد سـ.ـقوط النظـ.ـام البعـ.ـثي.. محـ.ـاولات تركـ.ـية الإسـ.ـتفراد بالـ.ـساحة الـ.ـسورية وسـ.ـط بـ.ـرود عربـ.ـي
كثفت الحكومة التركية من زياراتها إلى دمشق بعد سقوط النظام البعثي، بالتزامن مع تصريحات كبار المسؤولين الأتراك عن الدور التركي في سقوط هذا النظام، رغم أن تركيا قبل سقوطه كانت تحاول بشتى الوسائل تطبيع العلاقات معه. وفي السياق، أظهر الكثير من المسؤولين الأتراك استعدادهم لدعم حكومة تسيير الأعمال المؤقتة في دمشق بقيادة “هيئة تحرير الشام” فسرها المراقبون على أنها محاولات من الحكومة التركية لفرض وصايتها على النظام الجديد المرتقب في البلاد، وسط غياب عربي واضح عن المشهد والذي لم يتعدى اهتمامه أكثر من إجراء اتصالات هاتفية مع المسؤولين الجدد في دمشق وزيارات دبلوماسية منخفضة المستوى.
وتواجه سوريا تحديات كبيرة وعقبات متعددة أمام إعادة بناء المؤسسات وسط تضارب المصالح بين القوى المحلية والدولية، والتوترات الطائفية والقومية، وعمليات تصفية الحسابات التي بدأت تظهر الى العلن رغم التعتيم الاعلامي عليها من قبل الوسائل الاعلامية.
وفسر بعض المراقبين برود الموقف العربي تجاه حكومة تسيير الأعمال المؤقتة في دمشق، بأنه تعبير عن الامتعاض تجاه المرونة التي تبديها بخصوص محاولات تركيا ترسيخ نفوذها في سوريا، وملء الفراغ الإيراني والروسي، وهو ما اعتبره المراقبون تهديد جديد للأمن القومي العربي، وإبعاد سوريا عن محيطها العربي.
ومن جملة القطاعات الحيوية التي تحاول الحكومة التركية الهيمنة عليها عبر تقديم المساعدة، تصريح وزير المالية التركي عن استعداد تركيا لمساعدة دمشق في طباعة عملة جديدة. كما واتفق القائم بأعمال وزارة الصحة، ماهر الشرع، مع وزير الصحة التركية، كمال مميش أوغلو، خلال اتصال هاتفي، على تنظيم زيارة لوفد تركي إلى دمشق، بهدف الاطلاع على الواقع الصحي في سوريا وإبرام اتفاقيات تعاون مشتركة. وصرّح وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، إن تركيا تهدف إلى التوصل لاتفاق مع سوريا على ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، و”تحديد مساحات نفوذهما” للتنقيب عن النفط والغاز، وذلك بعد تشكيل حكومة دائمة في دمشق. وأعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن وفداً من الوزارة سيتوجه إلى سوريا قريباً لمناقشة قضايا التعاون في مجالات الطاقة والكهرباء. كما وأعرب وزير الدفاع التركي عن نيته تدريب الجيش السوري الجديد وتقديم الدعم اللازم له.
تأتي هذه المواقف في ظل هجوم تركي عنيف على مناطق في شمال وشرق سوريا، وتهديد حياة المجتمعات الأهلية بعمليات القصف الجوي والمدفعي وهجمات المرتزقة، الذي تسبب بإصابة وفقدان المئات من المواطنين السوريين لحياتهم، بالإضافة إلى احتلال أجزاء من شمال البلاد.
ويرى مختصون في الشؤون العربية أن ضعف الإقبال العربي على دمشق يكمن في عدم إعلان “هيئة تحرير الشام” عن التزامها ببيان اجتماع العقبة والقرار الدولي رقم 2254، وعدم قدرة حكومة تسيير الأعمال في دمشق اتخاذ قرارات ترضي الدول العربية ويبعدها عن النفوذ التركي،خاصة في ظل محاولات إيرانية وروسية ضمان مصالحهما في سوريا الجديدة من خلال الوساطة التركية، مستندين في ذلك إلى تصريحات وزير الخارجية الروسية، لافروف، يوم الخميس، والذي أكد أن: “روسيا وتركيا وإيران تتفق على أن صيغة أستانا يمكن أن تلعب دوراً مفيداً في المرحلة الحالية بعد تغيّر السلطة في سوريا…”. ويؤكد المختصون على أنه بدون الدعم العربي وبدون دستور وطني سوري لا يمكن لسوريا أن تنجح في تجاوز أزماتها…
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.