الأقـ.ـليات الدينية في سوريا تتخوف من حكم طائفي في البلاد
يعيش معظم أتباع الديانات المسيحية والإيزيدية والطوائف العلوية والدرزية والشيعية حالة من القلق المتصاعد مع ازدياد نفوذ الجماعات الإسلامية في الداخل السوري، ومحاولات أسلمة الحياة السياسية والاجتماعية والمناهج التعليمية بشكل لم يشهده غالبية السوريين من قبل، بالتوازي مع استمرار وسائل الاعلام وصفحات الأخبار الموالية لتركيا والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين، في بث رسائل تحرّض على الكراهية، على سبيل المثال أثناء زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوم الجمعة وجهت العديد منها انتقادات للبطريركية لعدم وضعها العلم الجديد الذي لم يتم إقراره بعد من قبل دستور وطني، واستذكرت وضع البطريركية صور بـ.ـشار الأسـ.ـد والعلم السابق في أي استقبال، وبنفس الوقت تم الترويج أخبار أكاذبة عن رغبة الدروز بالأنفصال واتهام العلويين بالمسؤولية عن جرائم النظام البعثي.
وفي السياق، تداول ناشطون مشاهد فيديو تُظهر سيارات تتجول في حي السليمانية ذات الغالبية المسيحية في مدينة حلب لفرض الحجاب على النساء ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء، وذكر العديد من المسيحيين معاناة أقربائهم من حالة قلق كبير مع تمادي المسلحين الإسلاميين على العديد من الرموز الدينية المسيحية، وذكرت تقارير معاناة بلدة معلولا المسيحية التاريخية في سوريا من أوضاع مأساوية بعد تعرضها لاعتد.اءات مروعة، حيث اضطر العشرات إلى الهجرة بعد تلقيهم رسائل تخيرهم بين الرحيل وترك ممتلكاتهم، أو دفع الجزية، أو القتل. وتسبب ضعف أو انقطاع الاتصالات بمزيد من القلق والعزلة، ويبدو أن استئناف حركة المطارات سيدفع بالكثيرين منهم إلى مغادرة البلاد.
ويخشى الإيـ.ـزيديون بدورهم من التعـرض لانتهـاكات جديدة على يد الفصـائل الإسـ.ـلامية والمنضوية في الإدارة السورية الجديدة، ونقل موقع “الحرة” عن ناشطين إيزيديين في الشمال السوري قلقهم من عدم شملهم بتعهدات إدارة العمليات العسكرية بعدم التعدي على المسيحيين والإسماعيليين والدروز، في ظل عدم وجود حماية واضحة وصريحة للإيزيديين، حتى أنه لم تصدر أية تطمينات للإيزيديين على غرار بقية المعتقدات. يُذكر أن هجوم الفصائل الجهـ.ـادية المـ.ـسلحة على مدينة رأس العين (سَري كانيه) بين عامي 2012 و2013، تسببت بمقتل مدنيين إيزيديين.
ووثقت منظمة “إيزيديا” أثناء بداية الحرب في مدينة حلب، قبل تاريخ 8 كانون الأول 2024، مقتل مدنيين اثنين من الإيزيديين على يد فصائل إدارة العمليات المشتركة، لدوافع دينية عقب معرفة المسلحين بأنهما إيزيديان. مع استمرار الجرائم والانتهاكات التي مازالت تحصل في مدينة عفرين ضد الكرد خاصة أتباع الديانة الإيزيدية، حيث يتم إجبار الإيزيديين على اعتناق الإسلام بالإضافة إلى تدمير واسع لأكثر من 15 مزار ديني يعود إلى الإيزيديين، وتوثيق جرائم موثقة طالت الفتيات الإيزيديات من قتل متعمد وخطف وتعذيب، ومعظم هذه الجرائم تم نشرها وتوثيقها من قبل لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة.
على صعيد متصل حملت تصريحات الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز سماحة الشيخ حكمت الهجري الكثير من الإشارات حول عدم الثقة بحكومة تسيير الأعمال في دمشق ذات التوجه الطائفي، وتجلى ذلك بوضوح من خلال رفض التخلي عن السلاح إلى حين وضع دستور وبناء الدولة بشكل حقيقي، حيث ربط مسألة حل الفصائل المسلحة وتسليم السلاح في السويداء، بوجود جيش سوري قوي وبناء هيكلي واضح للدولة. وفي معرض رده على الأخبار المضللة والتحريضية بخصوص الوضع السياسي والإداري في السويداء، قال الشيخ الهجري “نحترم جميع الأفكار السياسية، ولكن نحن لم نتحدث عن أي مشروع تقسيم أو فدرلة منذ بداية الثورة السورية عام 2011”.
وفي محاولة لمنع تنامي النزعة الطائفية في سوريا الجديدة وضمان حقوق أصحاب مختلف المعتقدات الدينية جدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون التأكيد على المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وإقامة حكم موثوق وشامل وغير طائفي، وإجراء إصلاح دستوري، وعقد انتخابات حرة ونزيهة. كما أن وزيرا الخارجية الفرنسي والألماني أكدا بعد لقائها مع أحمد الشـ.ـرع، إن “أوروبا لن تمول إنشاء هياكل إسلامية جديدة في سوريا، مؤكدة ضرورة مشاركة كل المكونات السورية في إعادة بناء الدولة” مع التأكيد على مشاركة الأكراد في بناء الدولة ومنحهم “ضمانات أمنية موثوقة”.
لا يبدي الكثير من السوريين التفاؤل حيال مستقبل البلاد خاصة بعد انتشار مقطع فيديو يظهر القائم بوزارة العدل في حكومة تسيير الأعمال يصدر حكماً بالإعدام الميداني بحق امرأة. ويرى خبراء أنه يتعين على الإدارة الحالية في سوريا بناء الثقة مع أتباع الديانات والطوائف وتقديم ضمانات تشعرهم بالأمان من خلال الاعتراف الدستوري بهم والقضاء على خطاب الكراهية بتجريمه، وتشريع قانون للأحوال الشخصية خاص بهم، ومشاركتهم في إدارة البلاد.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.