NORTH PULSE NETWORK NPN

تحـ.ـديات إعادة إعمار سوريا في ظل استمرار أزمـ.ـات البلاد وازديـ.ـاد التدخـ.ـلات الخارجية

 

يعاني الاقتصاد السوري من أزمات متعددة الأبعاد، حيث ينخر الفساد في المؤسسات المختلفة، وجففت العقوبات الدولية الواردات الحيوية، وتسبب سوء الإدارة بتفاقم الأزمات، وكانت أبرز التداعيات ارتفاع معدلات التضخم ودفع 90% من السكان إلى تحت خط الفقر، والتسبب بانعدام الأمن الغذائي لنحو 12 مليون شخص وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي. وبعد سقوط النظام البعثي تداول الكثير من المتابعين والمهتمين بالشأن السوري مسألة إعادة الإعمار، حتى أن بعض الدول مثل تركيا تحاول الإستحواذ على أكبر حصة لها في هذه العملية رغم وجود منافسين أفضل مثل الدول الأوروبية والخليجية، حيث تشير التقديرات غير النهائية للخبراء إلى أن إعادة إعمار سوريا ستكلف أكثر من 400 مليار دولار، في حين أن تقديرات الأمم المتحدة في عام 2017 قدّرت التكلفة بـ250 مليار دولار فقط.

 

وفي السياق، أكد الباحث الأمريكي جورجيو كافيرو، أن قدرة الدولة السورية على الإستفادة الكاملة من حقول النفط والغاز، ستشكل عاملاً مهماً في تحقيق آمال سوريا بإعادة الإعمار، إلا أن معظم المحللين يستبعدون تحقيق هذا الأمر ما لم ترفع العقوبات الدولية عن سوريا خاصة أن الإدارة الجديدة في دمشق (هيئة تحـ.ـرير الشـ.ـام) لا تزال على قوائم الإرهـ.ـاب العالمية، ولم تتخذ حتى الآن موقف بتأسيس علاقات إستراتيجية مع الإدارة الذاتية وقسد في شمال وشرق سوريا.

 

وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي: “تعاني سوريا من أزمة ممتدة منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً، وكل جانب من جوانب الحياة فيها قد تآكل. يؤكد تقريرنا على الحاجة الملحة لإعادة بناء البلاد، ليس على مستوى البنية التحتية فحسب، بل أيضا من خلال تعزيز الثقة والحوكمة والتماسك الاجتماعي”، حيث كشف تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تحت عنوان “سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة”، أن الاقتصاد في سوريا سجل انكماشاً بمقدار الثلثين تقريباً ولا تزال عملتها في تدهور مستمر فيما يعيش نصف سكانها في فقر مدقع. ووفق بيان صحفي صادر عن الإسكوا، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 64% منذ بدء النزاع عام 2011. كما فقدت الليرة السورية حوالي ثلثي قيمتها خلال عام 2023 وحده، مما رفع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40% عام 2024. وأشار التقرير الأممي إلى أنه يمكن التعافي إذا “نُفذت إصلاحات جريئة مع دعم دولي سريع”.

 

وبخصوص أبرز التحديات الحالية التي يواجهها الاقتصاد السوري فإنها تتمثل بحسب التقرير الأممي باستمرار عدم الاستقرار، وضعف الحوكمة، وعدم كفاية التمويل، وجميعها عوامل يمكن أن تؤدي إلى ركود اقتصادي دائم وفقر مستمر. وأوضح أنه في حال سلكت البلاد مساراً أكثر سوءاً يتسم بموجات جديدة من الصراع وتفاقم الانقسامات، فقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 7.68% سنويا بين عامي 2024 و2030، بما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والتحديات الأمنية الإقليمية.

 

من بين التوصيات الرئيسية لتجاوز المشكلات والعوائق، دعا التقرير إلى إعادة بناء الثقة في المؤسسات السورية من خلال تعزيز جهود المصالحة، واعتماد تدابير المساءلة، وتنفيذ إصلاحات في قطاع الأمن، وهي خطوات يعتبرها معدّو التقرير ضرورية لتحقيق سلام دائم. كما شدد التقرير على أهمية الدعم الإقليمي والدولي، بما في ذلك التخفيف الهادف للعقوبات وتعزيز الجهود الاقتصادية المشتركة.

 

وتتقاطع آراء معظم الاقتصاديين مع رأي دشتي التي أكدت أن “هذه لحظة مفصلية في تاريخ سوريا. إما أن تسلك طريق إعادة الإعمار والمصالحة، أو تواجه خطر الغرق في فوضى أعمق. فالرهانات التي تعني سوريا والمنطقة بأكملها لا يمكن أن تكون أكبر مما هي عليه الآن”، وبحسب الخبراء فإن تحقيق سلام دائم في سوريا يمكن أن يساهم في حل الأزمة الاقتصادية للبلاد وإعادة الإعمار خلال زمن قياسي نسبياً وهذا يتطلب إعادة بناء الثقة في المؤسسات السورية من خلال تعزيز جهود المصالحة، واعتماد تدابير المساءلة، وتنفيذ إصلاحات في قطاع الأمن وذلك بالإستناد إلى دستور يوافق عليه جميع السوريين.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.