الحوار بين الإدارة الذاتية وسلطة دمشق يدعـ.ـم الاستـ.ـقرار والوحدة الوطـ.ـنية
شهد اليومين الماضيين انفتاحاً في المواقف السياسية بين كل من الإدارة الذاتية وسلطة دمشق، حيث تبادل الطرفان رسائل إيجابية عبر الإعلام وسط تأكيدات عن بدء مباحثات بين الطرفين في بعض المجالات الخدمية، يأتي ذلك بعد توتر في الخطاب السياسي عقب تشكيل سلطة دمشق اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وتداول تصريحات إقصائية بحق مكونات شمال وشرق سوريا. الأمر الذي يشير بحسب مراقبين إلى استمرار أزمة الثقة بين القوى الرئيسية السورية في المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد.
وفي لقاء مع قناة “الشرق” قال حسن الدغيم (المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني) أن “مسألة التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية وأجنحتها السياسية مرتبط بالرئاسة السورية. يأتي ذلك بعد أن هنأ الجنرال مظلوم عبدي (القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية)، رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بتوليه رئاسة البلاد، معرباً عن أمله في أن “يتمكن من قيادة سوريا خلال هذه الفترة الحساسة”، وكشف عن جهود مشتركة للوصول لحلول تحقق المصلحة الوطنية. وفي اجتماع ثلاثي يوم الاثنين الفائت ضم كلاً من: قسد ومسد والإدارة الذاتية، تم التأكيد فيه على “أهمية الحوار القائم مع دمشق حتى الآن”، وضرورة الاتفاق للوصول إلى آلية تنفيذ مناسبة مثل قضايا (دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، عودة المهجرين قسراً إلى أماكنهم الأصلية التي هُجّروا منها…الخ)، بالإضافة إلى حل جميع القضايا الخلافية الأخرى عبر الحوار بشرط وقف إطلاق النار كضرورة لا بد منها للتقدم في الحوار، ودعوة الإدارة الجديدة في دمشق إلى تحمل مسؤولياتها بما يخص ذلك. وفي لقاء مع قناة “روداو” قال محمود حبيب (الناطق باسم لواء الشمال الديمقراطي) أن “التفاهم القائم بين الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى الأسبوع الأول من سقوط النظام، وقد شمل هذا التفاهم العديد من القضايا المهمة”.
ويوصف إقليم شمال وشرق سوريا بـ”سلة سوريا الغذائية” بالإضافة إلى احتوائها لمعظم حقول النفط والغاز والسدود المقامة على نهر الفرات. وتشكل تقريباً ثلث مساحة الدولة السورية ويقطن فيها نحو 6 ملايين نسمة من مختلف المكونات، بالإضافة إلى امتلاكها قوة عسكرية وأمنية مسلحة بشكل جيد تقدر بنحو 100 ألف عضو، وتحظى بدعم التحالف الدولي، وتمتلك خبرات كبيرة في محاربة الإرهاب وحرب الشوارع والتعامل مع الخلايا الإرهابية.
وتؤكد معظم التحليلات على أن المواقف الدولية وخاصة الأمريكية والفرنسية حول ضرورة إشراك قوات سوريا الديمقراطية كقوة أساسية في الجيش السوري المزمع تشكيله، شكّل ضغطاً كبيراً على سلطة دمشق التي تحاول استرضاء تركيا. وفي السياق أكد ماركو روبيو (وزير الخارجية الأمريكي) خلال مشاركاته مع القادة الإقليميين مؤخراً على الحاجة إلى عملية انتقال شاملة في سوريا، وأضاف “تعتقد الولايات المتحدة أنه على الدول الأعضاء في مجلس الأمن مواصلة الحث على تمثيل واسع النطاق للأصوات السورية في مستقبل البلاد.” كما أكد الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته خلال مؤتمر باريس بشأن سوريا الذي عقد الأسبوع الماضي، على ضرورة إشراك قوات سوريا الديمقراطية في إدارة الدولة السورية. وعلى صعيد متصل أعلن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعـ.ـش في سوريا، في تغريدة على موقع “إكس” الثلاثاء الفائت، عن دعمه للحوار بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية الجديدة. معتبراً أن ذلك يساعد على في تعزيز الاستقرار ومستقبل أكثر إشراقاً في المنطقة.
يرى مراقبون أن الاتفاق بين الإدارة الذاتية وقسد من جهة والحكومة الانتقالية في دمشق، له تأثير كبير على “رسم ملامح سوريا المستقبل وتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية”، وستنعكس إيجاباً بالدرجة الأولى على سلطة دمشق حيث يمكن الاستفادة من موارد شمال وشرق سوريا في عملية التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار. ويؤكد خبراء على أن الجيش السوري غير قادر على إرسال قوات لتغطية المنطقة وملء الفراغ الأمني، وبإمكان قوات سوريا الديمقراطية تخفيف العبئ عن سلطة دمشق في حماية المنطقة من تنظيم داعش، وتأمين الحدود، وحماية المدن، وهذا ما يفرض تكثيف الجهود لتحضير أرضية مناسبة للتفاوض مع الحكومة السورية في دمشق بهدف تحقيق الاستقرار والمصلحة الوطنية، وتحول قوات سوريا الديمقراطية إلى جزء من الجيش السوري مع احتفاظها بمهامها العسكرية والأمنية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.