اتفـ.ـاقيات قسد ودمشق تدعم اللامركزية السـ.ـياسية والإدارية في سوريا الجديدة
غادرت اليوم الدفعة الثانية من القوات العسكرية (500 مقاتل ومقاتلة مع عتادهم العسكري) التي كانت مكلفة بحماية حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب نحو مناطق شرق الفرات، في خطوة عززت التفاؤل على الصعيدين المحلي والدولي لتحقيق السلام في المنطقة، وذلك في إطار الاتفاقية الموقعة بين “المجلس العام لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية” وممثلين عن السلطة الانتقالية في دمشق، والتي اعتبرها سياسيون امتداداً للاتفاقية التي تم توقيعها بين قيادة قوات سوريا الديمقراطية والسلطة الانتقالية في دمشق. وأكد نوري شيخو (الرئيس المشارك لمجلس أحياء شيخ مقصود والأشرفية في حلب) الأربعاء، استمرار التنسيق مع السلطة الانتقالية، بشأن تبادل الأسرى، متوقعاً الإفراج عن دفعة جديدة خلال وقت قريب. وأكد شيخو، إن جميع الأطراف المعنية بتطبيق بنود الاتفاق “متعاونة وعلى أعلى مستوى من التنسيق والتشاور”، مشدداً على ضرورة تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
وفي الأول من شهر نيسان الجاري، وقع المجلس العام لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية، اتفاقية بـ14 بنداً مع سلطة دمشق، ودخلت حيز التنفيذ في 3 نيسان من خلال تبادل دفعة أولى من الأسرى (146 مدنياً وعسكرياً من قوات سوريا الديمقراطية، و97 عنصراً تابعين لسلطة دمشق) وخروج القوات العسكرية (400 مقاتل) بكامل عتادها العسكري نحو مناطق الإدارة الذاتية.
وخلال مشاركتها في جلسة حوارية حول “التفاهمات بين الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا والحكومة السورية”، في مدينة الحسكة يوم الأربعاء، قالت الهام أحمد (الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية) أن الاتفاق بين الإدارة الذاتية وسلطة دمشق يتضمن العديد من الجوانب التي تمس المجتمع بشكل كامل، سواء كان في شمال وشرق سوريا أو الجغرافية السورية. وأشارت إلى أن هذا الاتفاق يتضمن العديد من النقاط المتفرعة عنها، والتي هي “بحاجة لنقاشات موسعة للحصول على تفاهمات أوسع في الإطار السوري بالكامل”. وأكدت أحمد على وجود خطوط حمراء ترفض الإدارة الذاتية التنازل عنها وتتمثل “بالحقوق الثقافية والقومية للمكونات والحريات الدينية، بالإضافة إلى حق التعلم باللغة الأم والحقوق السياسية والنظام الإداري اللامركزي”. وشددت على أن هذه الأمور “لا يمكن المساومة والتنازل عنها”.
ويرى مراقبون أن اتفاقيات التي وقعت بين كل من قيادة قسد والإدارة الذاتية من جهة والسلطة الانتقالية في دمشق تشكل الأساس لنظام لامركزي سياسي وإداري في سوريا، ويؤكد المراقبون على أن سلطة دمشق تحاول من الناحية النظرية تطبيق الاعلان الدستوري المؤقت الذي أعلنت عنه من طرف واحد، ولكنها في الوقت نفسه تحاول الوصول إلى تفاهمات عبر اللامركزية مع القوى السياسية والعسكرية الرئيسة في سوريا، المتمثلة بكل من شمال وشرق سوريا وجنوب سوريا، وسط توقعات بتطور الحالة السياسية والإدارية في الساحل السوري للوصول إلى صيغة يمكن التعايش من خلالها بين المجتمعات العلوية والسنية وتُحجّم من العدوانية الطائفية بضغط دولي ومحلي.
وما يعزز من اعتقاد المراقبين حول تطور حالة اللامركزية في سوريا، الرسائل التطمينية التي وجهتها مسؤولة السياسة الخارجية في الإدارة الذاتية إلهام أحمد في معظم تصريحاتها التي دعت إلى إقامة نظام إداري ضمن إدارة تشاركية، بمعنى لامركزية لا ترتكز على أساس قوموي، إنما ضمن إطار نظام إداري يشارك فيه جميع المكونات كما هو نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية. وعلى صعيد متصل تبدي القوى المجتمعية الدرزية مواقف مشابهة، وخلال استقباله المحافظ مصطفى بكور والأمير حسن الأطرش على خلفية اعتداء جهاز الأمن العام على سياسيين دروز في حمص أثناء توجههم للمشاركة في فعالية سياسية في الرقة، قال قائد حركة رجال الكرامة الشيخ أبو حسن يحيى الحجار : “سوريا بلد متنوع بمكوناته، ولكل منطقة خصوصياتها. لا سبيل إلى الاستقرار إلا من خلال بناء دولة مدنية، محايدة، دولة تحكم بالقانون وتضمن الحقوق، وتفتح أبواب الحوار الحقيقي بين مختلف المكوّنات. ونؤمن بأن التطرف بجميع أشكاله، سواء جاء من منطلق ديني أو فكري، يهدد النسيج الوطني ويعيق بناء دولة مدنية عادلة تحتضن الجميع…”، وهو موقف يتطابق مع مواقف معظم قادة المجتمع الدرزي. ومعظم المؤشرات تؤكد أن القوى السياسية والعسكرية في الجنوب السوري تسعى لإدارة مناطقها بنفسها دون الانفصال عن دمشق وهذا ما لا يمكن أن يتم إلا عبر اللامركزية. وفي غرب سوريا طالب العلامة الشيخ غزال غزال (رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر) تعليقاً على المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها العلويون، بتوفير حماية دولية للمدنيين الأبرياء، وفتح لجنة تحقيق دولية مستقلة، إلى جانب تفعيل دور المنظمات الإنسانية الدولية، مؤكداً أن حماية النفس البشرية، بغض النظر عن العرق أو الدين أو القومية، ليست عملاً سياسياً بل واجباً إنسانياً. مؤكداً أن هذه المعاناة تطال كذلك شرائح واسعة من المجتمع السوري، بمن فيهم الأكراد، والدروز، والمسيحيون، وغيرهم ممن يدعون إلى السلام، والتعايش، والديمقراطية.
يشير الوضع الجيوسياسي الحالي لسوريا إلى أن البلاد تشهد تطبيق فعلي للامركزية السياسية والإدارية، وهو وضع لا يتعارض مع السياسات الدولية والإقليمية باستثناء تركيا التي لديها أجندة توسعية في سوريا، ويمكن ملاحظة الاستقرار في المناطق التي تدير شؤونها بنفسها، واستمرار التوتر في المناطق الخاضعة للسيطرة المركزية لسلطة دمشق، الأمر الذي يعني أن الإصرار على الحكم المركزي الشمولي يزيد من انقسام البلاد، وتطبيق اللامركزية والديمقراطية يدعم تماسك البلاد…
نورث بالس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.