NORTH PULSE NETWORK NPN

فشـ.ـل سلـ.ـطة دمشق في بناء الثقة الوطنية تجعل اللامركزية تحصيل حاصل في السويداء

 

تشير معظم التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها مختلف المناطق السورية إلى أن المشهد السياسي يتجه نحو ترسيخ اللامركزية وفقاً لحدود الحاكمية الحالية في كل من محافظة السويداء وشمال وشرق سوريا وحتى في شمال سوريا حيث ترفض الفصائل المدعومة من تركيا حتى الآن الانصياع لسلطة دمشق وتنفيذ اتفاقياتها، وذلك في ظل فشل سلطة دمشق في توحيد البلاد وإلغاء خطاب الكراهية تجاه الكرد والمسيحيين وإيقاف العنف الطائفي ضد العلويين والشيعة والدروز، وسط تساؤلات حول مدى جدية السلطة الانتقالية في تحقيق السلام في سوريا بعد استئثارها بالسلطة في دمشق، خاصة بعد التفاؤل الحذر على المستوى الوطني الذي أعقب إبرام الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال “مظلوم عبدي”، ورئيس السلطة الإنتقالية في دمشق “أحمد الشرع”. وفي سياق عجز سلطة دمشق عن السيطرة على الفصائل المتطرفة التابعة لها، أو عدم وجود رغبة جدية لديها في إيقاف عنفها الطائفي، باتت الثقة معدومة تماماً بينها وباقي القوى المجتمعية والسياسية الوطنية السورية، وتم ترجمة ذلك على أرض الواقع باستمرار الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها العلويون في غرب سوريا ورفض سلطة دمشق لوثيقة بيان كونفراس وحدة الصف الكردي لدوافع إقصائية وأيديولوجية، وتمسك العشرات من الفصائل بسلاحها، ورفض قوات سوريا الديمقراطية الخضوع للعقيدة العسكرية لسلطة دمشق.

وتشهد بلدتي جرمانا وصحنايا ذات الغالبية الدرزية في ريف العاصمة دمشق منذ يوم أمس اشتباكات بالأسلحة بين فصائل إسلامية متشددة (مقربة من سلطة دمشق وبعضها منخرطة في وزارة دفاعها)، والفصائل الدرزية المحلية المكلفة بالدفاع عن البلدة، أسفرت عن سقوط أكثر من 20 شخصاً بين قتيل وجريح بينهم مدنيون من أهالي البلدة، وسط حركة نزوح كبيرة لطلاب السويداء وأهالي البلدة خوفاً من التعرض للانتهاكات وعمليات قتل، بالتوازي مع اشتباكات وتوتر في بلدة صحنايا ذات الغالبية الدرزية، في مشهد يعكس الجرائم شبه اليومية التي يتعرض لها العلويون في الساحل السوري وحمص. الأمر الذي أدى إلى استنفار لفصائل محافظة االسويداء والتوجه شمالاً لمؤازرة البلدة، ووفقاً لمراقبين أدى الخوف من التدخل الإسرائيلي إلى إيقاف العمليات ضد الطائفة الدرزية، حيث أصدرت سلطة دمشق بيان لم يرق إلى المستوى المطلوب وسط تحميلها المسؤولية عن عدم انضباط عناصرها.

وشكلت محافظة السويداء نوعاً من الإدارة الذاتية على شكل إدارة محلية مفتوحة الصلاحيات، حيث توجد قوات محلية، أمنية وعسكرية، تؤمن النظام والحماية، بالإضافة إلى العشرات من المجالس المحلية، حيث لم تخضع المحافظة حتى الآن بشكل مباشر لسلطة دمشق. وعلى خلفية الهجمات على بلدة جرمانا، أصدر سماحة الشيخ حكمت الهجري (الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز) بياناً يوم الثلاثاء، حذّر فيه من مغبّة إشعال الفتن، ومن يسعى لها لأن نارها ستأكل الجميع بحسب وصفه، وتعليقاً على نهج سلطة دمشق في إدارة الدولة السورية، أكد سماحة الشيخ أنه “لم ينعقد مؤتمر شعبي حر صحيح، ولم يتم صياغة دستور يرضي عطش الشعب لتصحيح مساراته وتوجيهها، لم يُبنَ شيء على مبادئ سليمة”، وأضاف “لا زلنا تحت وطأة فكر اللون الواحد و الإقصاء، أو الفرض وعدم الاستماع لما يجب أن يكون فكما كان النظام البائد، الذي لا تزال مفاسده مخيمة على الأداء الحالي، بل وأكثر عمقا وفتنة في الوضع الراهن لما تأخذه من عناوين طائفية ممنهجة…”،. ويتساءل “أين هو الأمن الذي وعدنا به وسط استمرار التحريض الطائفي دون محاسبة أو توجيه ولا إدانة من أحد…”.

ويرى مراقبون أن هناك مناطق أربعة تتجه إلى تحويل سوريا إلى دولة لامركزية أو أنها حولتها إلى ذلك، ففي شمال وشرق سوريا تصر الإدارة الذاتية على استمرار تواجد مؤسساتها وخدماتها بعيداً عن السلطة المركزية، كما ودعا بند لوثيقة كونفرانس وحدة الصف الكردي يوم السبت الفائت إلى تطبيق اللامركزية في البلاد حتى تتحسن الأوضاع، بالإضافة إلى استمرار مهام الإدارة الذاتية. وبخصوص الساحل، ناشد الشيخ غزال المجتمع الدولي إلى المسارعة في دعم “الحلول السياسية الجذرية” التي تتمثل في “الحماية الدولية، أو الإدارة الذاتية اللامركزية، أو الفيدرالية”، وأضاف “من حقنا الأصيل في تقرير مصيرنا واحترام خصوصيتنا”. وبخصوص محافظة السويداء أدت أحداث العنف الأخيرة إلى التمسك بخيار اللامركزية وتعتبر عملية تطبيقه تحصيل حاصل في ظل انهيار الثقة بالنظام المركزي…

 

نورث بالس

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.