نورث بالس
أكدت الدكتورة عبير حصاف عضوة منسقية مجلس المرأة لشمال وشرق سوريا أن ما ارتكبته تركيا وفصائلها بحق جيجك كوباني وهفرين خلف وعموم النساء المناضلات والمقاتلات في كافة المناطق المحتلة ترتقي لجرائم الحرب بموجب القانون الدولي وقانون جنيف، وقالت: “أين كل تلك الدول التي وقعت على قانون جنيف من هذه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها تركيا ومرتزقتها؟”
حديث الدكتورة عبير حصاف جاء خلال مشاركتها في برنامج (مع صناع القرار) الذي يعرض على شاشة قناة روجآفا، والتي تحدثت فيها عن ثورة المرأة في روجآفا وشمال وشرق سوريا والجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها تركيا وفصائلها بحق المرأة بشكل خاص في المناطق التي احتلتها.
“مجلس المرأة هي مضلة لأكثر من 57 من منظمات ولجان ومجالس المرأة في شمال وشرق سوريا”
استهلت الدكتورة عبير حصاف حديثها بالتعريف بمجلس المرأة لشمال وشرق سوريا وأوضحت بأنها عبارة عن مضلة سياسية ثقافية اجتماعية تضم الكثير من التنظيمات النسائية، وتنظيمات المرأة ضمن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون المرأة في المجتمع كالمجالس المدنية وشخصيات مستقبلة ومنسقية المرأة في الإدارة الذاتية، وقالت :”كل هذه التنظيمات والمؤسسات المعنية بشأن المرأة هي تجتمع تحت هذه المضلة التي تهدف إلى حماية مكتسبات المرأة وتطويرها والعمل على تمكين قدرات المرأة وتفعيلها في أكثر المجالات الاجتماعية الثقافية والسياسية وإيصالها إلى أماكن صنع القرار”.
وعن هيكلية المجلس نوهت عبير حصاف أنه عقد المؤتمر التأسيسي للمجلس في 14 حزيران 2019 بعد إجراء الكثير من اللقاءات والاجتماعات والمجهود الذي بذل للإعلان عن هكذا مجلس عام وشامل للمرأة في شمال شرق سوريا، وعليه انعقد المؤتمر الذي أعلن فيه عن هذا الجسم وهو يضم كل النساء بعضويات مختلفة بممثلات عن الأحزاب والمجالس والتنظيمات، إضافة إلى تشكيل منسقية للمجلس والتي تضم 17 عضوة واختير بينهم 5 للتفرغ الدائم لشؤون المجلس، مؤكدة أن المجلس يضم أكثر من 57 عضو عام كمنظمات وتنظيمات ومجالس وغيرها.
“تشكيل المجلس كان ضرورة لجمع قوة المرأة التي برزت خلال ثورة شمال شرق سوريا”
وعن ضرورة وأهمية تشكيل مجلس المرأة قالت حصاف أن الوضع في شمال شرق سوريا كان مختلفا عن باقي المناطق، من حيث انتهاج الخط الثالث وتشكل الإدارة الذاتية وفتح المجال أمام المرأة لتشكيل مؤسساتها وتنظيم نفسها، وانطلاق ثورة البناء، التي وصفت فيما بعد بثورة المرأة، وقالت: “لأن المرأة لعبت دور ريادي في هذه الثورة، وكانت هناك في 2013 مبادرة المرأة السورية التي اعتبرت أول نواة للتكاتف وبناء جسور التواصل بين النساء من مكونات المنطقة، بالإضافة إلى تشكل وحدات حماية المرأة والتي لعبت دورا بارزاً في هزيمة داعش، ووسط كل هذا الوضع ومساحة الديمقراطية، كان لابد من تشكيل تنظيم جامع لكل النساء بمختلف انتماءاتها، لتجتمع تحت مضلة واحدة وأن توصل المرأة إلى المكان التي يجب أن تكون فيه، من حيث أماكن القرار”.
“دور المرأة في بلدان الشرق الأوسط مادون الوسط ولكنها في شمال شرق سوريا خلقت حالة جديدة”
وعن الفارق كابين أوضاع المرأة في بلدان الشرق الأوسط وبين حالة المرأة في شمال وشرق سوريا قالت حصاف: “صراحة وضع المرأة يختلف من دولة إلى أخرى، ولكن بشكل عام هي مادون الوسط في الشرق الأوسط بتفاوت قليل، فالمرأة لاتزال تقصى عن التمثيل الحقيقي لنفسها وتمثيلها المجتمعي ومستبعدة عن السياسة في غالبية الدول، رغم أن عدد من تلك الدول وقعت على اتفاقية دولية لمنح المرأة حقوقها، ولا تزال المرأة تعاني من اجحاف بحقها ومهمشة، والوضع في شمال وشرق سوريا في ضل المشروع الديمقراطي خلق ظروف وجو مناسب لتطوير عمل المرأة والاستفادة من الطاقة الموجودة من القسم الاجتماعي الكبير والذي هو المرأة والتي كانت خام لفترة كبيرة، وخلال الأعوام القليلة الماضية تم تمثيل المرأة بشكل حقيقي وانطلاقة في كافة المجالات السياسية والعسكرية والإدارية وغيرها”.
“المرأة لاتزال مؤطرة ضمن المطالبة بحقوقها الشخصية ونحن نسعى لتمثيلها دورها الحقيقي في جميع المجالات”
وعن أهداف المجلس ومطالبه قالت الدكتورة عبير: “للأسف الشديد لاتزال المرأة في مجتمعاتنا مؤطرة ضمن حقوقها الشخصية، ولازال عمل المرأة محصورا في المطالبة بحقوقها الشخصية كالخروج للعمل وحماية حقوقها ضمن الأسرة دون التطرق وفتح المجال وعمل المرأة وتمثيلها الحقيق ضمن كل مفاصل الحياة كالسياسة وإدارة البلد وتحديد مستقبلها، فهي بعيدة عن هذه الأمور”.
وأضافت: “ونحن كمجلس المرأة نرى بأن المرأة باعتبارها قوى فاعلة وقادرة على التغير لذلك يجب تفعيل دورها للوصول إلى هذا التغير ونقصد به التغيير الديمقراطي اللازم، وتأطيرها بالحقوق الشخصية فقط هي اجحاف. وبدون هذا التمثيل الحقيقي سيبقى المجتمع يعاني من التناقضات وعدم الاستقرار واستمرار القهر والذل والظلم، وبالتالي سيكون هناك سهولة السيطرة على هذا المجتمع من قبل الأنظمة السلطوية، والتسلط على الرجال والنساء معاً، فحتى في أوربا يوجد هذه المشكلة، والحرية الممنوحة للمرأة في غالبيتها هي شكلية”.
“ثورة المرأة في شمال شرق سوريا لفتت انتباه العالم لسببين رئيسيين”
وعن أبرز الأمور التي لفتت انتباه العالم إلى ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا قالت حصاف: “إن أكثر مالفت أنظار العالم للمرأة في شمال وشرق سوريا هي نقطتين، الأول أن المرأة برزت ضمن المجال العسكري وأثبتت قدرتها على مواجهة أشرس وأعتى التنظيمات الإرهابية التي كانت تقض مضاجع المجتمع الدولي، واستطاعت المرأة حمل السلاح وهزيمته في معقله الأخير. ناهيك عن تميز تنظيم المرأة المقاتلة في وحدات حماية المرأة في روج آفا عن باقي تنظيمات المرأة ضمن المجال العسكري حول العالم، بخصوصيته ومحافظته على الاستقلالية ضمن وحداتها الخاصة، ففي الكثير من دول العالم هناك من تسمح بتجنيد الفتيات، كالنرويج وأمريكا وغيرها، ولكنها تجند ضمن تشكيلات عسكرية مختلطة وتخوض القتال بمفهوم ذكوري، ولكن هنا المرأة استطاعت أن تقود الحملات وترأس الجيوش وهي مستقلة عن تشكيلات الرجل، وهنا المرأة الكردية هي من بدأت بذلك وكانت رائدة فيه.
أما الأمر الثاني والذي شكل ثورة حقيقة هي موضوع “وضع القانون” وهي مجموعة القوانين التي وضعتها الإدارة الذاتية خلال 2014 والتي كانت خاصة بالمرأة، وتعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، التي تسودها الاستبداد والقمع والعنف والتمييز ضد المرأة، ولتخرج هذه القوانين من هكذا منطقة والتي تضاهي قوانين أكثر الدول الأوربية المتقدمة في مجال حقوق المرأة، ومن هنا كان لابد من تسمية ثورة البناء بثورة المرأة”.
“الأنظمة الاستبدادية والدينية والقوموية تخاف من قوى المرأة الكامنة لذا تحاربها”
ونوهت عبير حصاف أن الأنظمة الاستبداية والقومية والشمولية تخاف من قوى المرأة وقواها الكامنة ضمن المجتمع، فعندما يكون هناك على خاصرتها مشروع ديمقراطي تكون فيها المرأة هي الفاعلة ولها الحرية لرسم مستقبلها، فهي ترى فيه خطرا على وجودها، وهذا ينطبق على تركيا والتي تدخلت بحجة أمنها القومي في احتلال الأراضي السورية ودعمت الإرهاب والفصائل المرتزقة ولوحظ استهدافها بشكل خاص للمرأة الناشطة والسياسية والمقاتلة كوسيلة لإذلال المجتمع وإعادتها إلى المربعات الأولى إلى مرحلة ألا تكون فيها للمرأة تمثيل حقيقي من إدارة المجتمع.
وأضافت: “ورأينا ماحصل في كوباني وعفرين وسري كانية بحق النساء، وماجرى للشهيدة هفرين خلف وكيفية تعامل المرتزقة مع جثمان الشهيدة بارين كوباني وأسلوب خطفهم للأسيرة الجريحة جيجك كوباني، فهم لا يراعون أي قيم أخلاقية أو دينية أو إنسانية لدى محاربة المرأة المناضلة”.
“أين كل تلك الدول التي وقعت على قانون جنيف من هذه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها تركيا ومرتزقتها؟”
وأكدت الدكتور عبير أن كل ما ترتكبه تركيا ومرتزقتها في المناطق المحتلة عامة وبحق المرأة بشكل خاص هي تخالف قانون جنيف لمعاملة أسرى الحرب الصادر عام 1949 والذي وقع عليه الكثير من الدول حول العالم
وتساءلت حصاف :”وهذا السؤال هو برسم المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان وبرسم كل من وقع على تلك المعاهدة وتعهد بتطبيقها، أين أنتم من كل تلك الانتهاكات التي ترتكبها تركيا ومرتزقتها من كمعاملتهم مع الأسيرة جيجك، والأشنع من ذلك حكمها من قبل المحاكم التركية بالمؤبد رغم أنها مواطنة سوريا، وهذا منافي ومناقض للقانون الدولي ككل لأنها مواطنة لا تنتمي لهذه الدولة فكيف يتم محاكمتها بموجب قوانينها؟”.
“وثقنا الكثير الانتهاكات وجرائم حرب بحق المرأة في المناطق المحتلة وطالبنا المجتمع الدولي إرسال مراقبين دوليين”
وحول أعمال المجلس حيال الجرائم والانتهاكات التي قامت بها تركيا وفصائلها في المناطق المحتلة قالت حصاف: “نحن كمجلس المرأة نوثق كل تلك الانتهاكات وقمنا بمؤتمر صحفي بهذا الخصوص بعد احتلال سري كانية وكري سبي والتي ارتكبتها تركيا ومرتزقتها، ومقارنتها بالقانون الدولي وكيف أنها ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتم إرسال العديد من الرسائل التي تضم التوثيقات إلى المجتمع الدولي وطالبنا بإرسال مراقبين دوليين لرصد الانتهاكات وإيقافها بحق أهالي المنطقة، فالقضية لم يتوقف عند جيجك فهناك الآلاف من جيجك ومن هفرين تعرضن للجرائم والانتهاكات على يد تركيا ومرتزقتها. فهناك أكثر من 300 ألف مواطن من سري كانيه و200 ألف من عفرين تهجروا وأكثرهم من النساء والأطفال ويزداد معاناتهم في ضل أزمة الحرب والتهجير”.
“إعلان أردوغان انسحابه من اتفاقية اسطنبول يهدف لكسب دعم الراديكاليين والمتطرفين له”
وحول الأسباب الحقيقة التي دفعت حكومة العدالة والتنمية التركية ورئيسها أردوغان لإعلان الانسحاب من اتفاقية اسطنبول الهادفة لحماية المرأة من العنف، قالت الدكتورة عبير حصاف :”حكومة العدالة والتنمية التي سلكت الخط الديني هي بحاجة إلى قوى موالية لها لإبقاء أردوغان في السلطة، لذا لم يبقى له سوى القوى الراديكالية والمتطرفة لكسب أصوات هذه الشريحة، وعليه تم اتخاذ قرار الانسحاب من اتفاقية اسطنبول التي تمنع العنف ضد المرأة ، وكانت الحجة في الانسحاب منها رغم أنه وقع عليها المجتمع الدولي بأكثر من 34 دولة، والحجة أنها تخلق الأرضية لانتشار المثلية، وهذه الحجة هشة وغير حقيقة والموضوع الرئيسي هو كسب المتطرفين ومنع المرأة الديمقراطية من تفعيل دورها ضمن مفاصل المجتمع”.
“نظام الرئاسة المشتركة من المكتسبات التي لا نقبل المساومة عليها”
وعن رؤيتهم كمجلس حول بعض المطالب من أحزاب سياسة تدعو لإلغاء الرئاسة المشتركة كشرط للمفاوضات الكردية، قالت حصاف: “الرئاسة المشتركة بحد ذاتها تعتبر من الخطوات المميزة في المشروع الديمقراطي في المنطقة، وهذا تصحيح للمسار والقانون الطبيعي للمجتمع وخلق توازن فيه للانطلاق بقوى أكبر، هناك قوى خاملة تم تفعيلها بهذه الصورة، لتمكين المرأة من اتخاذ القرار، وهي أثبتت أنها تستطيع ذلك، فكيف لنا القبول اليوم الرجوع إلى الوراء، فهذا الأمر لا يمكننا المساومة عليه، وهذه النقطة هي من إحدى المكتسبات وعلى كافة النساء النضال من أجل ذلك، وعلى المرأة في كافة الأحزاب عدم القبول بهكذا طروحات”.
“قمنا بتحضيرات كبيرة لعقد المؤتمر الأول العام للمجلس ولكن لانستطيع تحديد الوقت بسبب جائحة كورونا”
وأشارت حصاف خلال حديثها أنه بموجب ميثاق المجلس كان من المفترض عقد المؤتمر العام للمجلس بشكل دوري، لتطوير المجلس، ولكن منذ سنتين لم يتمكنوا من عقد المؤتمر بسبب انتشار كورونا، الذي يمنع من عقد المؤتمرات الواسعة، وقالت: “خلال فترة إلغاء الحظر قمنا بالتحضير بشكل جدي لعقد المؤتمر لإعادة النظر في نظام وهيكلية المجلس والخروج بمبادئ جديدة، ولكن للأسف ظهرت مرحلة ثالثة من انتشار كورونا والذي يمنعنا حتى الآن من تحديد موعد لعقد المؤتمر العام الأول، ولكننا سنسعى لعقده في أقرب فرصة ممكنة”.
“لدينا لجنتان لإعادة قوانين المرأة وتمثيلها في دستور سوريا القادم”
وختمت الدكتورة عبير حصاف حديثها بالتأكيد أن مجلس المرأة لشمال وشرق سوريا لديها لجنتان تعمل الأولى على دراسة إعادة صياغة قوانين المرأة، واللجنة الثانية هي الدستورية والتي تهدف لتوحيد جهود المرأة لتمثيل المرأة في دستور سوريا القادم.
إعداد: لزكين إبراهيم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.